بغداد حبيبتي // للشاعر الكبير نزار القباني
---------------------------------------
مُدي بساطي واملأي
وانسي العتاب فقد نسيتُعتابي
عيناك ، بغداد ، منذ طفولتي
شمكسان نائمتان في اهدابي
لا تُنكري وجهي فانتِ حبيبتي
وورودُ مائدتي وكأس شرابي
بغداد ... جئتُكِ كالسفينةِ مُتعباً
اخفي جراحاتي وراء ثيابي
ورميتُ راسي فوق صدر اميرتي
وتلاقت الشفتان بعد الغيابِ
انا ذلك البحار ينفقُ عمرهُ
في البحث عن حب وعن احبابِ
بغدادُ .. طِرتُ على حريرِ عباءةِ
وعلى ضفائر زينبِ وربابِ
وهبطتُ كالعصفور يقصدُ عشهُ
والفجر عرسً مأذن وقبابِ
حيثُ رايتكِ قطعة من جوهر
ترتاح بين النخل والاعنابِ
حيثُ التفتُ ارى ملامح موطني
واشمُ في هذا الترابِ ترابي
لم اغترب ابدا .. فكلُ سحابة
بيضاء ، فيها كبرياءُ سحابي
إن النجوم الساكنات هضابكم
ذاتُ النجوم الساكنات هضابي
بغداد ... عشتُ الحُسن في الوانه
لكن حُسنكِ لم يكن بحسباني
ماذا سأكتب ُ عنكِ يا فيروزتي
فهواكِ لا يكفيه الف كتابِ
يغتالني شعري ، فكل قصيدةٍ
تمتصني ، تمتص زيت شبابي
الخنجر الذهبي يشربُ مندمي
وينام في لحمي وفي اعصابي
بغدادُ ... يا هزج الخلاخل والحلي
يا مخزن الاضواء والاطيابِ
لا تظلمي وتر الربابة في يدي
فالشوق اكبر من يدي وربابي
قبل اللقاء الحلو كنتِ حبيبتي
وحبيبتي تبقين بعد ذهابي
-------------------------